نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 319
أُبيَّ بن خَلَف، وكان خليلاً له، فقال: صبوت يا عقبة؟ فقال: لا والله، ولكنه أبى أن يأكل حتى قلت ذلك، وليس من نفسي، فنزلت هذه الآية، قاله مجاهد.
(1051) والثالث: أن عُقبة كان خليلاً لأُميَّة بن خَلَف، فأسلم عُقبة، فقال أُمية: وجهي من وجهك حرام إِن تابعتَ محمداً، فكفر وارتدَّ لرضى أُميَّة، فنزلت هذه الآية، قاله الشعبي.
فأمّا الظالم المذكور ها هنا، فهو الكافر، وفيه قولان:
أحدهما: أنه أُبيُّ بن خَلَف، رواه العوفي عن ابن عباس.
والثاني: عُقبة بن أبي مُعَيط، قاله مجاهد وسعيد بن جبير، وقتادة. وقال عطاء: يأكل يديه حتى تذهبا إِلى المرفقين، ثم تنبتان، فلا يزال هكذا كلَّما نبتت يده أكلها ندامة على ما فعل.
قوله تعالى: يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ الأكثرون يسكِّنون «يا ليتني» ، وأبو عمرو يحرِّكها، قال أبو علي:
والأصل التحريك، لأنها بازاء الكاف التي للخطاب، إِلا أن حرف اللِّين تكره فيه الحركة، ولذلك أسكن من أسكن والمعنى: ليتني اتَّبعتُه فاتَّخذتُ معه طريقاً إلى الهُدى.
قوله تعالى: يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً في المشار إِليه أربعة أقوال: أحدها: أنه عنى أُبيَّ بن خَلَف، قاله ابن عباس. والثاني: عقبة بن أبي مُعَيط، قاله أبو مالك. والثالث: الشيطان، قاله مجاهد. والرابع:
أميّة بن خَلَف، قاله السدي. فان قيل: إِنما يكنى من يخاف المبادأة أو يحتاج إِلى المُداجاة، فما وجه الكناية؟ فالجواب: أنه أراد بالظالم: كلَّ ظالم، وأراد بفلان: كلَّ من أُطيع في معصية الله وأُرضي بسخط الله، وإِن كانت الآية نزلت في شخص، قاله ابن قتيبة.
قوله تعالى: لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ أي: صرفني عن القرآن والإِيمان به بَعْدَ إِذْ جاءَنِي مع الرسول، وها هنا تم الكلام. ثم قال الله تعالى: وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ يعني: الكافر خَذُولًا يتبرأ منه في الآخرة.
[سورة الفرقان (25) : الآيات 30 الى 31]
وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (30) وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِيراً (31)
قوله تعالى: وَقالَ الرَّسُولُ يعني محمّدا صلى الله عليه وسلّم، وهذا عند كثير من العلماء أنه يقوله يوم القيامة فالمعنى: ويقول الرسول يومئذ. وذهب آخرون، منهم مقاتل، إِلى أن الرسول قال ذلك شاكياً من قومه إِلى الله تعالى حين كذَّبوه [1] . وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: «إِن قوميَ اتخذوا» بتحريك الياء وأسكنها عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائيّ.
ضعيف. أخرجه الطبري 26348 عن الشعبي هكذا مرسلا. [1] قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» 3/ 394: يقول الله تعالى مخبرا عن رسوله ونبيه محمد صلى الله عليه وسلّم دائما إلى يوم الدين- أنه قال: يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً. وذلك أن المشركين كانوا لا يصغون للقرآن ولا يسمعونه، وكانوا إذا تلي عليهم أكثروا اللغط والكلام في غيره، حتى لا يسمعوه. فهذا من هجرانه، وترك علمه وحفظه أيضا من هجرانه وترك تفهمه وتدبره من هجرانه، وترك الإيمان به وتصديقه من هجرانه، وترك العمل به من امتثال أوامره واجتناب زواجره من هجرانه، والعدول عنه إلى غيره من شعر أو قول أو غناء أو لهو أو كلام أو طريقة مأخوذة من غيره، من هجرانه. فنسأل الله الكريم المنان القادر على ما يشاء، أن يخلصنا مما يسخطه، ويستعملنا فيما يرضيه، من حفظ كتابه وفهمه، والقيام بمقتضاه آناء الليل وأطراف النهار، على الوجه الذي يحبه ويرضاه، إنه كريم وهّاب.
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 319